الجمعة، 14 فبراير 2014

ماذا لو وضعك الله في مكان غير مكانك ؟

في الفترة الأخيرة, إزداد الفارق الطبقي بين أفراد المجتمع المصري, وذلك يرجع لعدد من الأسباب منها, إحتكار الثروة في عدد محدود من العائلات الغنية بالدولة, قلة فرص العمل بسبب سوء أحوال الدولة, التمسك بعادات وتقاليد مختلفة تفرق في المعاملة بين الميسورين الحال والفقراء منهم, الأسباب عِدة وأكثر مما ذكرت, ولكن إلي أين بنا الحال ؟

في نهاية الدنيا التي نعيشها سوف نكتشف ان الكمال لله وحده, وا الله هو الغني ونحن الفقراء إليه, لأنك مهما ملكت من ماديات الدنيا, لن تملك ما عند الله في جنته, ولا سلطته ولا قوته ولا حكمته ولا رؤيته,

فكرة هذا الكلام بدأت عندي, عندما جلست يوماً أفكر, أنا كمحمد, وُلدت في عائلة من الطبقة المتوسطة, عندي من المأكل والمشرب  والملبس ما يستر حالي, والحمد لله, ولكن ماذا إذا وُلدت في عائلة غير التي وُلدت بها ؟ أفقر مثلاً ؟ أو أغني ؟ ووقع إختياري أن أفكر في حالي لو كنت في عائلة أفقر من التي أنا بها, لأن التحدي في هذه النقطة أكبر من العائلة الأغني,

التفكير لو كنت أغني يكون عبارة عن أمنيات وأحلام لأشياء معظمها مادية تريد أن تمتلكها, لكن التفكير في الحال الأفقر يكون عبارة عن تحدي لظروف الحياة والتكيف مع الوضع وكيفية الخلاص من المأزق,

وللدخول في الموضوع, فكر معي كقارئ, محمد أو أحمد أو مني أو جمال, ما الفرق بينك عندما تكون علي ما انت عليه, او عندما تكون أفقر حالاً,

- أحمد المستور سلم علي أحمد الفقير, في خياله, تجد الفقير, شديد العصب, عريض الكتفين, خشن اليد, عكس المستور الذي تجد يده مرطبة ناعمة, ماذا لو كنت مكانه, تعمل حمالاً للحطب ؟ ترفع الطوب الأحمر عن السيارة النقل لتبني به أحد بيوت الأثرياء ؟ تركت تعليمك لأن أهلك غير قادرين علي تاكليف المدرسة من كتب وزي ودروس خصوصية, ومضيت في الحياة وحدك تُعلم نفسك بنفسك ؟

- تحدث مني ميسورة الحال مع مني الفقيرة, إذا بالميسورة حزينة وخائفة أن يفوتها سن الزواج, وتدخل الحياة الزوجية متأخرة ويكون الفرق بينها وبين أولادها كبير, شكواها انها لا تجد فارس أحلامها الذي يبقي لها مستوي إجتماعي ترفيهي معين,بمرتب سخي أو سيارة حمراء محددة بخطوط سوداء واسمها محفور علي قبعة من الجلد الطبيعي, فسكتت مني الفقيرة, هل تضحك علي الميسورة من تفاهة طلباتها ؟ أم تحزن علي حالها ؟ ف مني الفقيرة تزوجت بالفعل السنة الماضية, حيث كل ما تبحث عنه رجل شديد وغليظ مثل أباها, يعلم أبنائها الإعتماد علي النفس, رجل الكلمة الحق, ينفذ ما يقول, ولا يخلف مهما وعد,

- جاء العيد, فكان إبراهيم حزين ومهموم, لم يحظ بالعيدية السخية التي يعطيها له أهله مثل كل عام, ولم يبتع الكثير من الملابس لأن أحدث الماركات العالمية أصبحت باهظة الثمن, إنما إبراهيم الفقير, خبز الكحك معه أهله وإبتاع من الملابس ما يكفيه عاماً كاملاً, وخرج يوم العيد في الحديقة العامة ولعب بالمراجيح حتي المغرب ثم ذهب لبيت جده وجدته يقضي معهم الليلة حتي سطوع الشمس في السمر والحكاوي والذكرايات, من داخله خزين لما لم يستطع شرائه ولكن كلام جده وتشجيعه أنساه خزنه, وجلس إبراهيم الغني ليله مهموما مكبوتاً ونهر أمه عندما سألت ما به من حال

هذه الكلمات ليست من وحي الخيال, فهي واقع نعيشه, أنا شخصياً كنت أعيشه, كنت أحزن لنفس الأسباب وأبق الليل مهموما مشغول البال لأتفه الأشياء,

هذا الكلام لحمد الله علي حالنا, كلام سهل وبسيط جداً, غير متعمق أصلاً في نفس الفقير وما يشغل باله, كبته وأحلامه وأمنياته, قبل ختام الكلام, هناك ما أحبه في معظم الفقراء والمطحونين, حب الأهل, مكانة الأب والأم, تقبيل يد الأم, ورأس الأب, وكلمتهم سيف علي رقبتهم مهما كانت, عكسنا, كثيراً ما ننهر أبائنا علي أتفه الأشياء المادية الفاشلة والمواضيع السطحية, دائما ما نتركهم وحدهم علي المائدة عكس "الطبلية" في بيت محمد في الأرياف مثلاً, التي يجتمع عليها الشمل كله,

لماذا لا نتعلم منهم ما نفقده نحن في حياتنا ؟ عندهم لذة في الحياة لا نملكها, عندما يحصلون علي شئ يردونه يكونون فعلا في شدة السعادة عكسنا, نمرح للحظة ثم نسعي للأغلي والأكبر والأحدث, نحن طبقة وشعب لا نرض ..

هناك من الكلمات شدتني, منهم جملة من فيلم "في محطة مصر" .. (في ناس مستواها أقل مني, بس مرتاحين أكتر مني) .. مش مجرد جملة والله, الماديات أنستنا متعة الحياة ونحن أنفسنا السبب في ما نعيشه, تطلعاتنا المادية البحتة هي التي ساعدت التجار والرأسماليين في استغلالنا والسيطرة علي عقولنا وبالأسعار التي يشتهونها

البساطة الجميلة, ولكن متي ؟